في دراسة ميدانية لمعرفة مدى علم سكان المدن الكبيرة بما تنطوي عليه مدنهم من المعالم السياحية، تبينت حقائق مناقضة لما يتوقعه القارئ:
ظهر أن سكان المدن، وخاصة المدن الكبيرة، لا يعرفون الكثير عن أحياء مدنهم، ولا ما يمكن أن يجدوه من صناعات أو تجارة أو فنون في مدينتهم التي ينتسبون إليها، وقد تبين أن هناك ما يزيد عن ربع سكان المدن الكبيرة تنقصهم الدراية الكاملة بأسرار وثروات مدينتهم من حيث الجمال والمعالم ومناطق الزيارات.
وتبين أن 60% من سكان المدن الكبيرة يعرفون عن مدن أخرى أكثر مما يعرفون عن مدينتهم ذاتها.
وفي دراسة أخرى تبين أن ما يزيد عن 70% من سكان المدن الكبيرة يفضلون السفر خارج مدينتهم، بدعوى رغبتهم في معرفة الجديد، بينما هم يجهلون الكثير من أسرار مدينتهم الجميلة والتي تجلب السياح إليها.
سياحة تعريف
إن كل مدينة من مدن العالم يمكن أن تكون منطقة سياحة ليس للغرباء، بل لأهل البلدة ذاتها، فقد تبين من الدراسات السابقة، أن السفر ليس ضرورة سياحية، ويمكن أن تقوم سياحة محلية، سياحة لتعريف سكان المدن ذاتها بمدينتهم التي يعيشون فيها وينتسبون إليها، قامت في أكثر المدن الكبرى في العالم مكاتب سياحية لتعريف أهل المدينة بمدينتهم، على الرغم من أن كل إنسان يستطيع أن يفعل ذلك بنفسه، ولكن أن يقوم بها الإنسان ذاته فلن تكون رحلة سياحة وتعريفا بالمدينة، فإن الإنسان بطبعه يفضل الراحة في حالة تركه على هواه، لذا فإن الاشتراك في هذه الرحلات يجبر ساكن المدينة على إكمال الرحلة ومعرفة الأسرار التي لا يمكن له معرفتها في زيارته الخاطفة للأسواق أو المنتجعات في المدينة.
كنوز مدفونة
في مدينة برشلونة وغيرها من المدن الأسبانية، يقدم هذا البرنامج التعريفي لسكان المدينة ليوم واحد في الأسبوع بأسعار تشجيعية، والمقصود منه هو أن يتعرف الناس وخاصة العاملون في قطاع السياحة، مثل العاملين في الفنادق والمطاعم وأصحاب سيارات الأجرة ( فهم يعرفون الشوارع والعناوين، ولكنهم يجهلون ما خلفها)
يقول أحد المشاركين: إنه لم يكن يظن أن هناك مطاعم صينية تجهز الأكل للراغبين وترسله إليهم في مساكنهم في أحد الأحياء الخلفية لعمله.
كما أن أحد المشاركين لم يكن يصدق أن مدينته تحتوي على مركز لصناعة الأفلام، وأن هناك مجالا للراغبين في التمثيل التلفزيوني ليحققوا النجاح داخل المدينة، وليس هناك ضرورة للسفر إلى الخارج بحثا عن الشهرة.
وأما أحدهم فقد كان يطلب من مصنع بريطاني تصنيع جزمة، وترسل إليه بتكلفة عالية، ووجد أن في مدينته مصنعا محليا تملكه عائلة لها عراقة في صناعة الجزم على أنواعها من جلود فاخرة، بل وعجب أيضا أن علم أن هذه العائلة تصنع الأحذية للمشاهير من نساء ورجال العالم وهي معروفة في العالم.