مما لا شك فيه أن المياه عصب الحياة، ومن سنة الحياة أن لا يحصل الإنسان على كل ما يتمناه في هذا الوجود، فهناك بلاد كمنغوليا تشتهي أي نوع من أنواع المياه حتى لو كانت مالحة، وذلك لانحسار الأمطار في صحاريها الشاسعة.
ونحن في الأردن أصبحنا ومنذ فترة زمنية ليست بالقصيرة نعاني من شح المياه بسبب تأخر الموسم المطري كما حدث هذا الموسم 2008/2009 حيث لم تصل كمية الأمطار حتى فبراير/شباط الماضي إلى 12% من المعدل المطري التراكمي، إلا أن هذا المعدل ارتفع في مارس/آذار الماضي إلى 84%.
وبالإضافة إلى شح الأمطار هناك أسباب كثيرة أخرى لأزمة المياه، ومنها النمو السكاني المتزايد والهجرات المتعاقبة إلى الأردن والتي كان أكبرها الهجرة من فلسطين والاستيلاء على مياهها ومياه نهر الأردن.
"
منذ أن شرع زعماء الحركة الصهيونية بإقامة الدولة العبرية التي كانوا يطمحون لإقامتها منذ ما ينوف على المائة عام، وهم يخططون من أجل الاستحواذ على مياه نهر الأردن والمياه العربية المحيطة بفلسطين
"
ومنذ أن شرع زعماء الحركة الصهيونية في إقامة الدولة العبرية التي كانوا يطمحون لإقامتها منذ ما ينوف على المئة عام، وهم يخططون من أجل الاستحواذ على مياه نهر الأردن والمياه العربية المحيطة بفلسطين. وقد بدأت المبادرة الأساسية من قبل الجمعية اليهودية البريطانية التي سارعت بإرسال عدد من أعضائها إلى فلسطين والنقب وسيناء لدراسة موضوع الأراضي والمياه فيها.
وقد نجح اليهود في تأسيس أول مستوطنة في الجليل الأعلى عام 1878 والتي عرفت فيما بعد بمستوطنة روشبينا، وتلاحقت بعد ذلك إقامة المستوطنات على الجانب الغربي لبحيرة الحولة عام 1883 بالإضافة إلى مستوطنة "مشمار هاي باروك" على الجانب الغربي قرب الحدود اللبنانية ضمن حوض نهر الأردن.
كما استمرت المحاولات المتلاحقة بعد قيام المؤتمر الصهيوني بزعامة هرتزل عام 1897 لإقناع الدول العظمى حينئذ بمساعدتهم في الاستيلاء على ما ليس لهم مقابل ترسيخ الإستراتيجية الإمبريالية هناك، فتمكنوا من إحداث هجرة جديدة عام 1907/1908 لتوطيد الاستيطان في فلسطين ضمن خطة إستراتيجية من الناحيتين السياسية والعسكرية، لإقامة شبكة من المستوطنات في مختلف أنحاء البلاد.